بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 22 سبتمبر 2010

ما هى مشكلتهم مع أموال الأقباط؟

بقلم :منير بشاى
    أصارحكم القول أننى أصبت بصدمة عنيفة بعد مشاهدتى فيديو قناة الجزيرة للمقابلة  بين د. محمد سليم العوا والمزيع أحمد منصور مقدم برنامج بلا حدود. وما زلت أضرب كفا على كف كلما تذكرت ما قيل فيه من إدعاءات.  لم أتصور أنه فى الإمكان أن ينحدر إنسان إلى هذا الدرك السحيق من إختلاق الأكاذيب. ولم أصدق نفسى أن شخصا على هذاالمستوى الثقافى والعلمى يمكن أن يلجأ إلى مثل هذه الأساليب التحريضية ضد أخوتهم فى الوطن وبهذه الطريقة السافرة دون وازع من ضمير أو أخلاق.
    وقد كتب الكثيرون يفندون ما قيل، ولا أريد أن أكرر ما قد كتب. ولكن أريد أن أركز هنا على جانب من الحديث، لم أرى أحدا تعرض له، وهو ما قيل فى شأن أموال الأقباط. ولا أدرى لماذا هذا الكم المريع من مخزون الحقد الأسود بالنسبة لهذا الموضوع. وهذا بعض ما قيل:
•    الأقباط لا تزيد نسبتهم عن ٦% ولكنهم يسيطرون على  ثلث ثروة مصر.
•    يوجد ثلاث مليارديرات من الأقباط ضمن ۱٠ فى العالم العربى ليس بينهم مصرى مسلم.
•    نصيب الأقباط فى إيداعات البنوك يصل إلى ٤٠% من إجمالى الإيداعات
    أولا:مع إفتراض أن هذه المعلومات صحيحة ونحن نعلم أن بعضها كاذب وبعضها الآخر مبالغ فيه، ولكن ما هو ذنب الأقباط فى هذا؟ هل هنك نص فى القانون يقول أن نسبة أموال الأقباط أو المسلمين يجب أن لا تزيد عن نسبة تعدادهم؟ وإذا كنتم ترفضون مبدأ الكوتة للأقباط وتمثيل الأقباط النسبى فى أمور أخرى كثيرة مثل الوظائف العليا والتمثيل النيابى وغيرها على أساس أن الأقباط فى رأيكم ليسوا أقلية بل جزء من النسيج الوطنى الواحد - فهل ثروة الأقباط يجب أن تتمشى مع عددهم بينما كل شئ آخر لا يجب أن يخضع لهذا المبدأ؟
    ثانيا: وهل شكوى الحاقدين كان نتيجة إعتقادهم أن هذه الأموال قد تفضلت الدولة بها عليهم من المال العام وميزتهم بها على غيرهم من المواطنين؟ أم أنها كانت نتيجة موهبة وكفاءة وعمل دوؤب؟ وهل جمع الأقباط هذه الأموال بطريقة غير شرعية أو أخلاقية؟ وإذا كان هناك شك فى وجود مخالفات قانونية فلماذا لا تقدم الشكاوى ويتم التحقيق؟  هل الفرصة المتاحة للأقباط لم تكن متاحة للمسلمبن؟ هل كانت هناك أى محاولة للإحتكار ضد أحد؟
    هل يطالب هؤلاء بإعادة توزيع الثروات الشخصية للموطنين على أساس دينى حتى يتم التكافؤ المطلوب بين المسلمين والمسيحيين؟ وهل لو كان المسلمون هم المتفوقون على المسيحيين فى هذا الأمر كان سيحدث مثل هذا الإنزعاج؟ ثم أليس النظام الضريبى من شأنه أن يقوم بنوع من التوزيع عندما يفرض نسبة ضرائب أعلى على الأغنياء وتتصاعد بطريقة مضطردة كلما زادت دخولهم؟ وبذلك يرعى الغنى الفقير بغض النظر عن دينه وبنص القانون.
    ثالثا: وهل لجأ بعض الأقباط إلى العمل الخاص إلا بعد أن أغلقت الدولة أمامهم أبواب الوظائف العامة؟ وقد قدم الكثيرون للدولة الإقتراح مرة بعد الأخرى ومن مواطنين مسلمين ومسيحيين بإسناد منصب رئاسة الوزاراء مثلا لرجل أعمال مثل المهندس نجيب ساويرس الذى أثبت عبقريته فى القطاع الخاص. ويمكن إستخدام هذه العبقرية فى خدمة الوطن. ولكن يبدو أن هناك رفض للمبدأين: لا إستفادة من خبرتهم فى الوظائف العامة ولا قبول لنجاحهم فى العمل الخاص!!
    ماذا يعمل الأقباط إذن؟ هل يتركوا البلاد ويسافروا ليعيشوا فى الخارج؟ هذا فعلا ما فعله البعض بعد الكثير من المضايقات.  وللعلم قد نجح بعضهم وهناك عدة مليارديرات من الأقباط فى أمريكا ومعظم الباقين فى حالة ميسورة وكثير منهم مليونيرات.  وأرجو أن لا يؤذى هذا مشاعر الحاقدين. وللعلم  أن الجالية المصرية الحديثة الهجرة هى ثانى أنجح أقلية فى أمريكا بعد الجالية اليهودية ولم يتضايق أحد  فى أمريكا من هذا ولم يظهر أحد فى برناج تلفزيونى ليشكو!!
    رابعا: ألا يعلم هؤلاء السادة أن نجاح رجال الأعمال المصريين (مسلمين أو مسيحيين) هو فائدة كبرى لكل المجتمع المصرى؟ ألا يوفر هذا العمالة للشعب المصرى الذى يعانى من مشكلة البطالة؟ ألا يحرص رجال الأعمال الأقباط على تعيين المسلمين فى أعمالهم قبل المسيحيين، وإذا أغلقت هذه الأعمال سوف يعانى مسلموا مصر مثل (أو أكثر) من مسيحييها؟
    خامسا: وعندما يدعون أن مسيحيى مصر يمتلكون ٤۰% من ودائع البنوك - هل يقصدون أن جميع المسيحيين يتمتعون بنفس القدر ويجعلهم جميعا متفوقون على مجموع المسلمين؟ أليست هذه مغالطة حسابية قد نعذر الجهلة عندما يذكروها أما إذا قالها المتعلمون فهى الكذب والإفتراء؟
    إن أثرياء الأقباط معرفون بالإسم وهم أفراد قلائل معدودة، وثرواتهم تخصهم وحدهم دون غيرهم ولا تفيد بقية الأقباط فى قليل أو كثير. أما الغالبية الساحقة من أقباط مصر فيعيشون فى فقر مدقع. وكم نتمنى أن تعمل دراسة علمية صادقة لنرى كم تكون نسبة ما يملك معظم أقباط مصر من الثروة بالمقارنة، بمجموع المصريين.  وإذا ثبت أن الأقباط يمتلكون أقل بكثير من نسبة عددهم - هل سيثور د. العوا دفاعا عنهم كما هو ثائر الآن؟
    وبعد..    أن تحريضات الثنائى الإخوانى العوا – منصور على قناة الجزيرة ضد أقباط مصر شئ مؤسف نرجو أن لا يمر دون مساءلة ومجازاة.  فهو عمل إجرامى هدفه إثارة الفتنة الطائفية وقد يؤدى إلى إعتداءات إرهابية على الأقباط الأبرياء. كما أن إتهاماتهم هى قذف علنى فى حق الأقباط إلى درجة نعتهم بالخيانة والتشكيك فى وطنيتهم لتأليب الغوغاء ضدهم.
    ويبدو لى أن دافع الغضب ضد الأقباط فى هذه المرة كان نتيجة إعلان بعض القيادات القبطية تأييدها لجمال مبارك خلفا لأبيه رئيسا لمصر.  ومن هنا جاء إدعائهم أن الدولة ساكتة على ما يزعمونه ((التوغل)) القبطى لأن هناك ما يتوهمونه ((صفقة)) بين الأقباط والدولة تحصل بها الدولة على أصوات الأقباط  مقابل موافقة الأقباط على مبدأ التوريث.
    والحقيقة أن الأقباط يفضلون حتى الشيطان عن صعود الاخوان للحكم.  فتاريخ الاخوان الدموى لن يمحيه الزمن. ولئلاا ننسى جاءت هذه التحريضات الدموية لتذكرنا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق