بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 22 سبتمبر 2010

حملة مقاطعة أقباط مصر "حرام شرعا"

تسيء للمسلمين بإجماع علماء بالأزهر وكتاب صحفيين وجماعة الإخوان
حملة مقاطعة أقباط مصر "حرام شرعا"
شريف الدواخلي

Image
القاهرة- أثارت حملة على الإنترنت لمقاطعة الشركات التي يملكها الأقباط في مصر -بسبب ما قالوا إنه خطف للمسلمات وإيداعهن سجون الأديرة- موجة انتقادات ورفض شديدة من جانب جماعة الإخوان المسلمين، وعلماء بالأزهر، وكتاب صحفيين، الذين وصفوا الحملة بأنها "حرام شرعا" وسلوك "يسيء للمسلمين".
وتحت شعار "حملة مقاطعة الأقباط ثأرا للمسلمات والمعتقلات في سجون الكنيسة" انطلقت مؤخرا حملة على الإنترنت هي الأولى من نوعها لمقاطعة أقباط مصر اقتصاديا، وأرسل النشطاء القائمون على الحملة -الذين لا تعرف هوياتهم- آلاف الرسائل الإلكترونية تحث المسلمين المصريين على الانضمام للحملة، وتوجيه ما وصفوه بـضربات اقتصادية موجعة لاقتصاد الشركات المملوكة للأقباط ثأرا "لشهيدات الحقد الصليبي"، على حد وصفهم.
وذكرت الحملة بعض أسماء اللاتي تقول إن الكنيسة تحتجزهن في سجونها بسبب إسلامهن، ومن بينهن رباب عبد الحميد ووفاء قسطنطين.
وأثارت قضية إسلام بعض المسيحيات ضجة كبيرة في مصر خلال السنوات الماضية، وكان في مقدمة القضايا التي شغلت الرأي العام المصري بهذا الخصوص قبل ثلاث سنوات، قضية وفاء قسطنطين زوجة راعي كنيسة أبو المطامير بمحافظة البحيرة التي أسلمت.
وأمام إلحاح الكنيسة القبطية، وافقت السلطات المصرية على تسليمها للكنيسة لكي تحاول إقناعها بالتمسك بالمسيحية، وتقول الكنيسة القبطية إن وفاء موجودة في أحد الأديرة وقد عادت للمسيحية غير أنها تمتنع حتى الآن عن إظهارها للرأي العام ما دفع مسلمين للقول بأن الكنيسة قتلتها لتمسكها بالإسلام.
وتضمنت الحملة -التي اجتذبت نحو 400 شخص على موقع "الفيس بوك" الاجتماعي- قائمة بأسماء الشركات القبطية المملوكة لأقباط، والتي تدعو إلى مقاطعتها، مثل شركات الملياردير نجيب ساويرس وشركات الأدوية، والصيدليات والعيادات، والمنتجات الغذائية لشركة أبيلا مصر وغيرها، ووضعت أسماء المنتجات البديلة والمماثلة التي تنتجها شركات إسلامية، داعين لتكوين جبهة اقتصادية إسلامية حقيقية يمولها مسلمون.
"حرام شرعا"
وتعليقا على هذه الحملة قال الدكتور أحمد عبد الرحيم السايح، أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر في تصريحات لـ"إسلام أون لاين.نت": "ما قام به الداعون للحملة ليس من الإسلام، وحرام شرعا لأن المقاطعة تكون مع الأعداء، وليس مع شركاء الوطن".
وتساءل السايح قائلا: "ماذا لو قام شباب الأقباط بدعاوى مماثلة يطالبون فيها بمقاطعة الشركات التي يمتلكها المسلمون كرد فعل طبيعي، فما يتبقى لنا من حطام الوطن، والإسلام يقر المواطنة الكاملة بين الجميع بغض النظر عن الديانة.. وبالتالي فهي دعوة مسمومة سوف تغذي نار الفتنة الطائفية سريعا".
من جانبه، شدد عصام العريان مسئول المكتب السياسي لجماعة الإخوان المسلمين في مصر على أن "هذه الحملة مرفوضة شكلا وموضوعا وتسيء للمسلمين".
وأضاف في تصريحات لـ"إسلام أون لاين": "إن أي موقف من جانب الكنيسة يمكن الرد عليه بالطرق الشعبية، والقانونية، وليس بهذه الطريقة التي لا تعبر عن خلق المسلمين"، محذرا من أن هذه الحملات سوف تفتح الباب لنغمة اضطهاد الأقليات والحرب على الأقباط في مصر، بما يسهل عمليات الاختراق الخارجي لمصر.
ومن جهته، قال المفكر الإسلامي جمال قطب لـ"إسلام أون لاين": "إن هذه الحملة هي تصرف الضعيف الذي لا يجد ما يقدمه، فبالفعل هناك أسرى (مسيحيون اعتنقوا الإسلام) في الأديرة، ولكن هذا ليس رد فعل لائقا نقوم به ضد الكنيسة".
بلاغ للنائب العام
وعلى صفحات جريدة "المصري اليوم" المستقلة في عددها الصادر اليوم السبت، قدم الكاتب الصحفي بلال فضل "بلاغا" للنائب العام في مصر المستشار عبد المجيد محمود عن تلك الحملة التي انطلقت على الإنترنت لمقاطعة الشركات القبطية في مصر، ووصفها في مقال نشرته الصحيفة بـ"الجريمة المتكاملة"، لأنها على خلاف ما حدث في السابق "لا ترتبط بموقف سياسي من أصحاب هذه الشركات، الذين يطلقون تصريحات لا تعجب الناس أو تستفزهم فيلجئون للتعبير عن غضبهم بإطلاق حملات لمقاطعة منتجات هذه الشركات".
وقال: إن "الحملة هذه المرة تدعو بكل وقاحة لمقاطعة الشركات القبطية لمجرد أن أصحابها مسيحيون، وهو ما ينزع عنه صفة الرأي أو النشاط الديني ويحوله إلى جريمة متكاملة، جريمة تفسد في الأرض باسم الدين والدين منها براء، والساكت على مثل هذه الأفعال ليس شيطانا أخرس، بل شيطان مشارك وفعال، ولأنني لا أحب أن أكون شيطانا ناطقا أتقدم بهذا البلاغ".
ودعا فضل كل من تصله هذه الإيميلات أو يشاهدها على موقع أو جروب الانضمام لبلاغه للنائب العام المصري.
"الاحتقان الطائفي"
وفي المقابل، رأى القمص صليب متى ساويرس وكيل المجلس الملي بالكنيسة القبطية في تصريحات لـ"إسلام أون لاين" أنه "من غير اللائق مثل تلك الدعوات غير المسئولة التي ستؤدي إلى مزيد من الاحتقان الطائفي كما يستغلها أقباط بالمهجر في الدعاية ضد مصر وتصوير أنها تضطهد الأقباط ليل نهار وتحاربهم في قوت يومهم وهي ليست حقيقة".
واستفاد رجال الأعمال الأقباط من الانفتاح الاقتصادي في مصر الذي بدأ في سبعينيات القرن الماضي، إذ تضم قائمة أكثر عشرة رجال ثراء في مصر 3 أقباط على الأقل، ما ينفي وجود اضطهاد لهم، بحسب صحف مصرية.
ويمثل أنسي ساويرس وابناه (نجيب، وسميح) نموذجا للنجاح القبطي في مجال الأعمال، إذ بنوا إمبراطورية اقتصادية تشمل مجالات الهاتف النقال والسينما والسياحة والمعلوماتية والترميم والإعمار والأشغال العامة، وهو ما تؤكده التصريحات الرسمية للحكومة، حينما قالت في معرض ردها في 2007 على تقرير للمدير العام لمنظمة العمل الدولية الذي ادعى وجود تمييز ضد الأقباط بمصر في أكثر من مجال: إن الأقباط يمتلكون "ثلث الثروة القومية" وكبريات الشركات المصرية برغم أن نسبتهم تقدر بـ8% من مجموع السكان.
وأوضحت التصريحات أيضا أن كبريات الشركات في مجالات الاقتصاد المصري كالاتصالات والسيارات‏ والتشييد والبناء وغيرها يملكها الأقباط، كما يشغل الأقباط نسبة عالية من إجمالي الوظائف التخصصية والراقية مثل الصيدلة والطب، وتصل نسبتهم في عضوية النقابات المهنية إلى ‏25%‏ تقريبا من إجمالي العضوية‏.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق